السلام عليكم
في صباح مؤلم وقاسي من أيام المرض
وعلى السرير الأبيض ......... في المستشفى
دموعي تتساقط حارة على وجنتي.
جاءت الممرضة .... أخبرتها بأني لا أستطيع التنفس كما يجب ....
إني بالكاد أتلفظ الهواء ..... أجد صعوبة بالغة في ذلك .... !
أرجوك أخبري الطبيب ليرى ما الأمر .......
أخبرته ، وأتى الطبيب مسرعاً .... حاولت أن أشرح له
ما أعاني ببعض الكلمات التي أحفظها باللغة الإنجليزية ...
ياااااه كم هو قاس ذلك الألم .... الذي تحس به حينما
تشعر بأن من أمامك .... لا يمكن أبداً أن يفهمك ......!
ليتها العيون من تقوم بتلك المهمة .... فأنا أراها أبلغ ....
وأبلغ ......!
لا يمكن أن يحس... بالألم الذي أعانيه غيري .... هذا ما
أحاول إقناع نفسي به حينما أجد نفسي غريبة لا أٌفٌهم ....!
لن يعقلوا ولو النزر اليسير من الذي أعانيه ولن يفهموا ...!
لكن لم يفهموا .... !؟ وهم لم يتألموا كما أتألم .... فل أدعهم
يعيشون .... بلا ألمي وجرحي .... الذي وإن عرفوه .....
لن يحسوا به .... لن يكترث به غيري .......
أمقتها هي كلمات المواساة ..... أمقتها وأمقت أصحابها .....
مع نبل مشاعرهم .... أمقتهم وهم يحاولون ..... التظاهر
بالألم والأسف مما أعانيه ..... يكذبون فجرحي وآلامي .....
الغائرة أعظم من أن تراه .... أعينهم التافهة ....
أعظم من أن تلتئم جراء كلماتهم ..... المنسوجة بدم التورية والخداع ..
كيف يأسفون لي ... وهم لم يشعروا ما أشعره ..... وحدي من يكترث .....!
فلتواصل أعينهم .... الحملقة بي فحسب .... الحملقة التي ...
اعتادوها عندما أصرف بصري عنهم .... فذلك أجدى !!
أيقنت كم هي كاذبة .... كلمات قرأتها في طفولتي ....
لا يمكن أن يتكاتف المجتمع ..... ولا يمكن أن يكونوا ....
يداً واحدة .... !
حتى لو أقنعت نفسك .... أنك جزء من جسد ..... سيلفظك
ذلك الجسد ..... بكل عنجهية وقوة ..... فلا حاجة له بك ...
هم جسد يأكل بعضه بعضاً .......
ليسوا جسداً عندما ...... يشتكي منه عضو تتداعى له ....
سائر الأعضاء !
يجب أن نعي أن الكثير ..... من الأساسيات اندثرت ...
وأن نظل متمسكين بها هو اندثار معها .....
انتهى الطبيب من عمله ، اخبرني انه سوف يعود ليراني
بعد اخذي لمسكن الألم ..... وغادر الغرفة متجهاً ..
لأجساد أخرى يلقي بما تعلمه فيها ....... يحاول أن يُداري
سقماً .............. يحاول أن يبعث الحياة في أجساد خاوية !!
فهو لم يحس بما أحسوا .... ولم يذق طعم الألم ..... الذي أعياهم ..
ولم يطله الوجد... والسهر الذي مزقهم ....
أكذوبة كبرى هي معطفه الأبيض ...... !!
حياتهم امتلأت سواداً ...... لن يستطيع أن يلطخه بياض ....
معطفه بشيء ...... لن يستطيع فهو أتفه من أن تراه ...
العين المجردة ...... في خضم غيهب السواد ...... المدلهم...!!
من السخف جداً ..... أن يحاول أن يعالجهم ..... هم كأوراق ....... الخريف المتساقطة ........
لا يمكن ولن يمكن أن نقوم بإعادتها ....... أقصى ما يمكننا هو أن ......
نراقبها من بعيد ..... ونحن نخط مسارات للدمع والألم والأسى ......
جااااال بصري في أنحاء الغرفة .......... التي يلطخها البياض ......
ملاءااااات الأسرّة ...... جدران الغرفة ....، أرضية المكان ......
كـــــل شيء أبيض ...... عدا تلك الأجسااااااد الملقاة على الأسرة ......
شعرت بالفراغ يملأ جو الغرفة كل هذه الأشياء تفوح منها رائحة الوجع والآلام ......
آآآآآآآه بدأ الألم يزداد ......... أكثر وأكثر ........
آآآآآه يا أمي أين أنتي ....... أتذكــــــر
قلقك المستمر عليّ .. عيناك المليئة بالدموع ، شفتاك اللتان
كانت كانت ترقبانني وتقرآن حولي آيات من القرآن..
أين أنـــــت الآن .......
كــــم أريد أن القي بجسدي ....... المتهالك على جسدك الطاهر...........
كم أريد أن تضميني وتقبليني كما كنت تفعلين دائماً .....
أين أنت الآن ......... يا أمي
كم أريد أن أبوح ........ بما أشعر به لكِ كـــما كنت أفعل
فأنا أشعر أن صدري ...... أشد ضيقاً من أن يحتمل ....
كــــل هذه الآلام ..... أريدك أمي أن تشاطريني إياه ......
أرجوكِ يا أمي لا تدعيني ...... أصارع الآلام وحدي .....
فمجرد الشعور بأن ...... أحدهم يحس معي ...... يكفيني
الكـــــثير ...... صمت رهيب يلف المـــكان ...... صمت
يمزق بقوة ........ يمزق قلوباً لا تملك أن تفكر بشيء ....
غير آلامها ..... ملامح الفرح .......... الذي كانوا يعتقدون
أنه الكلمة المضادة ...... للحزن ..... يظنون أنه تبعاً لــــذلك
فــكلا الكلمتين ..... توجدان بنسب ثابتة متساوية .......
وأفاقوا متأخرين ..... بأن الفرح كذبة ..... وضعت كامكملة
لمفردات اللغة ....لا يــــمكن أن توجــــد .......
كنت بحاجة لأي صوت ...... ينتشلني من الإبحار في
آلامي أكثــــر ... حتى صوت صراخ المرضى واستغاثاتهم
ووشوشات الأطباء ومحادثاتهم ...... أصبحت إيقاعاً
رتيباً آنف من سماعة ....... !!
وما زال الألم يسحقني سحقاً ...... بدأت تأوهاتي وبكائي ......
وصرخاتي ....... رغم محاولتي عدم الصراخ ...... وادعائي الصبر والقوة !!
أرهقني البحث في إيجاد مبرر للهروب..... أو الاختفاء بعيداَ
عن شبح المواجهة مع الألم............. حاولت ترويض
عواطفي .........التي كانت يوماً ملك يميني....... لكني
عجزت أصبحت قدراتي ضعيفة ورخوة...... افترش الداء
واستحكم.... وتحطم جهاز المناعة لديّ............ وصارت
أجهزتي تستقبل فقط.......... دون مقاومة أو حتى إرسال
إشارات الاستغاثة...... وبدوت جثة هامدة..... تبدو للآخرين .........
أنها تستعذب العذاب ولكن الحقيقة أنها تصرخ وتئن
من الآلام لكن صوتها الهامس ..... لا يكاد يصل عبر الشفاه
إنني مع الألم في معركة دائمة .......... أعلم جيداً أنني
سوف اخسرها ............. وسوف تخلف عذابات كثيرة ...... لستُ بحاجة إليهــــا ......
لكني ....... راجية منه الشفقة بفتاة أنهكتها .........
الآلام وزادت عليها السنوات المريرة ....... بما تركته من
قلة حيلة وهوان في المحطات الأخيرة من السفر الطويل مع المرض .
ربما تكون معركة غير متكافئة......... ينقصها الكثير، لكن ........
عشمي أن تأخذ الشفقة بي ، ولا تغال كثيراً في النيل مني ..........واغتيال أفراحي .......
فأنا منافسة لهذا المرض ولكني قد
فقدتُ أسلحتي عبر الزمن....... ولا ارجوا منه الآن سوي ......
الرحمة وقليل من الشفقة لكنني أقدمت ........
أخيراً وأنا رافعة راية الاستسلام ...........أحيانا
أتساءل بصوت هامس حتى لا يسمعني أحد ......
أي الم هذا الذي نسف حصوني وحطم سعادتي
...... آه كــم ........ هو صعب هذا الشـــــعور......
عندما تشعر بأنك ........ تملك .........
القوة والصبر ...... ويأتي الألم يهدم كـــــل قوتك
كـــم هو مؤلــم عندما تتعود على ........ الكتمان ولا تـــــود
أن تشتكي لأي شخص ...... حتى لو كان بيده المســـــاعدة
ليأتي الألم ويهدم ......... كبريائي ......
أحياناً أتخيل الألم وكـــــأنه ........... إنسان ونمشي سوياً
أنا وهو ويمسك بيدي ....... بقوة ويقول لي أنتِ توأمي ...
وأنا لن أتخلى عنكِ ولن أترككِ أبداً ...... وابتسم له .......
وأقول وأنا سوف ....... أقبل وأرضى بك صديقاً وتوأماً
رغـــــم الألـــــم ...... وأنت هو الألم !!!!!!
وأستيقظ من خيالي ...... وأعترف أن الألم لا أشعر به دائماً
لـــــكن لماذا اشعر بأنه ........ بجانبي ولا يفــــارقني ..... أبداً ........
فهذا الألم يصيب العظام بـ تَجويف عميق حتى يبات خاوياً من
معَالم القُوة .. !!.....
مكتوب على جبين القدر أن أبقى ........ أنثى جميلة .....خارجياً فقـــــط ..........
أما داخلياً فأنا مُعتلة بالألم مكتوب عليّ أن أبقى برفقه الألـم نسكن ...... بمقابـر الأحيـاء
ولا أشـك بأن هناك المئـات من هم مثلي....... ..كم أرى الحياة ......
ساعتها ........ لا شيء ....
وفارغة من كـــل شيء .....
محبتكم دوماً: برنسيسه
موضوع: ورقه سقطت من تحت ركااآآم الذاكره 
